البحريــن بين ديكتاتوريــة العائلــة وحقوق الإنســان
د.نسيب حطيط
تعيش مملكة البحرين تحت نظام العائلة الملكية المفروض استعماريا من البريطانيين، وبالوكالة الممنوحة أميركيا وغربيا، ومصادرة حقوق المواطنين الذين يقسمون إلى حوالي70% من المسلمين الشيعة و9% من المسيحيين وحوالي15-2% من المسلمين السنة وتشكل عائلة آل خليفة أقل من1% من السكان، وتحتكر السلطة بكاملها وتمارسها على شعب يبلغ تعداده حوالي المليون نسمة من ضمنهم المجنسيين من الجنسيات الباكستانية والهندية والبلوشية وبعض الجنسيات الأسيوية، الذين يخدمون في قوى الجيش والأجهزة الأمنية كمرتزقة على الطريقة الأميركية في العراق ( بلاك ووتر)للسيطرة على التحرك الشعبي وقمع أي تحرك للمطالبة بالحق الأدنى من المواطنة وحقوق الإنسان.
ومشكلة البحرين أنها تمثل تحديا صارخا للقمع المذهبي والسياسي، حيث تم التعامل مع الأكثرية الشيعية كفئة من درجة ثانية أو ثالثة ،نتيجة الفكر الديني المتطرف الذي يحكم سياسة الراعي الإقليمي، وكذلك الفكر السياسي المتطرف (الأميركي-البريطاني)الذي يمثله الملك وحاشيته يضاف إلى ذلك أن الموقع الجغرافي في البحرين الذي يعطيها بعدا إستراتيجيا على المستوى السياسي والأمني، فهي نقطة المواجهة بين إيران والسعودية مع ما يمثلان من ثقل سياسي وديني.
وتمثل البحرين نقطة أمنية للجيش الأميركي على مستوى مضيق هرمز وأمن الخليج ،ويرسو فيها الأسطول الخامس الأميركي، وتتواصل مع السعودية بجسر يربط بينهما، ولا بد من توضيح بعض الإلتباسات حول الوضع الديمغرافي والإجتماعي والسياسي في البحرين:
- إن عائلة خليفة تحكم البحرين(كعائلة)منذ العام1765م.
- إن الشيخ خليفة رئيس الوزراء(عم الملك الشيخ حمد بن عيسى)لا زال في منصبه منذ أربعين عاما(1971) وتضم حكومته أكثر من 11 وزيرا من آل خليفة.
- إن قوى الجيش والشرطة وأجهزة الأمن تضم بين صفوفها أكثر من 50% من المجنسيين الآسيويين غير البحرانيين للإمساك الأمني بالبلاد ويمكن أن يطلق عليها(متعددة الجنسيات)على الطريقة الأميركية في العراق وأفغانستان.
- إن البحرنيين الأصليين(سنة وشيعة ومسيحيين)باتوا يشكلون حوالي 60% من شعب البحرين بعد حملة التجنيس السياسي منذ العام2001 بما يشبه بروفة قانونية وديمغرافية للتوطين في لبنان.
- إن30%من الشعب البحريني يعيش تحت خط الفقر، وما يقارب40% من السكان لا يمتلكون منازل خاصة أو بالحد الأدنى من الحقوق.
- إن نسبة الشيعة تمثل حوالي70% من السكان، ومع ذلك لا يتمتعون بأي حقوق في المواطنة والوظيفة أو المراكز العسكرية أو الأمنية داخل السلطة، نتيجة التمييز المذهبي، مما يجعلهم مواطنين درجة ثالثة كما كانت سياسة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا أيام حكم(البيض)ضد الأفارقة السود.
- إن حركة المعارضة البحرينية لم تبدأ اليوم بل منذ أوائل السبعينات في حركات يسارية ودينية، والتي حوصرت بالإعتقال والتعذيب أو النفي للخارج، وبعد تلكؤ الملك والسلطة الحاكمة عن الإصلاحات التي تم إقرارها ونكثها بالوعود، نجد من الطبيعي أن يثور المظلومون والمحرومون لإستعادة الحد الأدنى من حقوقهم كمواطنين، بعيدا عن الطائفية أو المذهبية، و الأغلبية التي تتحرك الآن هي شيعية لأنها هي التي تتعرض للإضطهاد والحصار والقمع، ولا يمكن لأصحاب النفوذ أو المستفيدين من السلطة أن يثوروا على أنفسهم ،ولأن الأغلبية السكانية هي شيعية وهي المضطهدة يحاول النظام اتهامها بالمذهبية مع أن أهدافها وشعاراتها لا ترتبط لا بالمذهبية ولا بالمشاريع الخارجية كما يحاول البعض الترويج لها .
وتواجه إنتفاضة البحرين خطرا كبيرا،من تقاطع المصالح بين ؟اميركا وانظمة الخليج نتيجة موقعها الجغرافي ورمزيتها داخل الخليج ،وما تمثله من قاعدة إستراتيجية للقوات الأميركية لحماية مصالحها والأنظمة المتحالفة معها ،وحماية إمدادات النفط ، مما يجعل سقف شعاراتها ينحصر ببعض الإصلاحات وإستعادة بعض الحقوق ،المصادرة من السلطة الحاكمة مع الإبقاء على النظام كضرورة وحاجة إقليمية وأميركية.